عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَا نَصَرَ اللهُ فِي مَوْطِنٍ، كَمَا نَصَرَ يَوْمَ أُحُدٍ.

قَالَ: فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِي وَبَيْنَ مَنِ أَنْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمِ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ – يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ – ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ – إِلَى قَوْلِهِ – ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ قَالَ: «‌احْمُوا ظُهُورَنَا، فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ، فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلا تُشْرِكُونَا».

فَلَمَّا غَنِمَ النَّبِيُّ ﷺ، وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ، أَكَبَّ الرُّمَاةُ جَمِيعًا، فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَرِ يَنْهَبُونَ، وَقَدِ الْتَقَتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَهُمْ هَكَذَا – وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ – وَالْتَبَسُوا، فَلَمَّا أَخَلَّ الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخَلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا، وَقُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ، أَوْ تِسْعَةٌ، وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ، وَلَمْ يَبْلُغُوا حَيْثُ يَقُولُ النَّاسُ الْغَارَ، إِنَّمَا كَانُوا تَحْتَ الْمِهْرَاسِ، وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ، فَمَا زِلْنَا كَذَلِكَ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ، حَتَّى طَلَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ السَّعْدَيْنِ نَعْرِفُهُ بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى، قَالَ: فَفَرِحْنَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا أَصَابَنَا، قَالَ: فَرَقِيَ نَحْوَنَا، وَهُوَ يَقُولُ: «‌اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِهِ». قَالَ: وَيَقُولُ مَرَّةً أُخْرَى: «‌اللهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمِ أنْ يَعْلُونَا». حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا.

فَمَكَثَ سَاعَةً، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصِيحُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ: اعْلُ هُبَلُ – مَرَّتَيْنِ، يَعْنِي آلِهَتَهُ – أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلا أُجِيبُهُ؟ قَالَ: «‌بَلَى».

فَلَمَّا قَالَ: اعْلُ هُبَلُ، قَالَ عُمَرُ: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ قَدِ انْعَمَتْ عَيْنُهَا، فَعَادِ عَنْهَا، أَوْ فَعَالِ عَنْهَا، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟

فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهَا أَنَا ذَا عُمَرُ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، الْأَيَّامُ دُوَلٌ، وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ.

قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءً، قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلاكُمْ فِي النَّارِ.

قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ، لَقَدْ خِبْنَا إِذاً وَخَسِرْنَا.

ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَوْفَ تَجِدُونَ فِي قَتْلاكُمْ مَثْلَى، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا.

قَالَ: ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَاكَ. وَلَمْ يَكْرَهْهُ.

ملاحظة: وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ

لا يوجد شرح بعد، إما لأنه منسوخ أو سيضاف قريبًا

  • الإسم الكامل: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن ذهل بن شيبان

    الكنية: أبو عبدالله

    الشهرة:

    الحكم:

    الكتاب: المسند