فَهَذِه رِسَالَةٌ لِلمُبْتَدِئين، جَعَلتُهَا مَدْخَلًا لَهم إلى عُلُوم الحَدِيثِ، بِمَنزِلَةِ المَفَاتِيْح يَفْتَحُ بِهَا طَالِبُ العِلمِ المُبْتَدِئُ أبْوَابَ هَذَا العِلمِ، لِيَلِجَ ابْتِدَاءً، وَيَسْتَعِيْن بِهَا تَوَسُّطًا وَانْتِهَاءً.
صَيَّرْتُ مَبَاحِثَهَا عَلَى سِتٍّ:
الأوَّل: تَعْرِيْفَاتُ المُصْطَلَحَاتِ الحَدِيثِيَّةِ، وَجَعَلتُهَا مُسْتَوْفَاة لَا مُجَرَّد ألفَاظٍ اصْطِلَاحِيَّة، وَعُنِيْتُ بِذِكْرِ اصْطِلَاحَاتِ الُمتَقَدِّمِيْن فِي كُلِّ مَبْحَثٍ مِنْ مَبَاحِثِ المصْطَلَح، مَع ذِكْرِ بَعْضِ اصْطِلَاحَاتِ المُتَأخِّرِيْن، فَلَم أكْتَفِ بِذِكْر الاصْطِلَاحِ عَلَى طَرِيْقَةِ المُتَأخِّرِيْن، كَمَا فَعَلَ مَنْ صَنَّفَ مِنْ بَعْدِ الحاكم، وَأرْدَفْتُهَا بِأهَمِّ قَوَاعِدِ وَضَوَابِطِ عُلُوْمِ الحَدِيثِ الَّتِي تَكْثُرُ حَاجَةُ طَالِبِ الحَدِيثِ لَهَا.
الثَّانِي: ذِكْرُ رُوَاةِ الأحَادِيْثِ الثِّقَاتِ المُكْثِرِيْن الَّذِيْن دَارَت عَلَيْهِم الأسَانِيْدُ، مَنْ يَحْفَظُ أسْمَاءَهُم وَألقَابَهُم وَكُنَاهُم وَأنْسَابَهُم: يَحْفَظُ أُصُولَ الأسَانيْدِ الصَّحِيْحَة، وَعَقَّبْتُ هَذَا المبْحَث بِذِكْرِ جُمْلَةٍ مِن الأُمُورِ الُمهِمَّة الَّتي تهمُ البَاحِثَ فِي الرُوَاةِ العِلَلِ لِتكُونَ مُتَّكئًا لَهُ فِي التَّعَامُلِ مَع الأسَانِيد.
الثَّالِث: ذِكْرُ الأُصُولِ الجَوَامِع المُسْنَدةِ الصَّحِيْحَةِ الَّتي بِحِفْظِهَا تُحْفَظُ أُصُولُ الأحَادِيث الَّتي عَلَيْهَا مَدَارُ العِلمِ، وَبِحِفْظِ أسَانيدِهَا تُحْفَظُ جُملَةٌ مِن الأسَانيدِ الصَّحِيْحَةِ.
الرَّابِع: ذِكْرُ الأحَادِيْثِ وَالأبْوَابِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيْهَا حَدِيْث، وَبِحِفْظِ هَذِه تُضْبَطُ مِئَاتُ الأحَادِيْثِ الضَّعِيفَةِ دُونَ الحَاجَةِ إِلى النَّظَرِ فِي أسَانيدِهَا، أو الحَاجَةِ إِلى عَالِمٍ يُبيِّنُ لَنَا صِحَّتَهَا مِن ضَعْفِهَا.
الخَامِس: مُلَخَّصٌ مُحرَّرٌ فِي بَيَانِ أُصُولِ الاخْتِلَافِ بَيْن المُتَقَدِّمِيْن والُمتَأخِّرِيْن، وَفَضْل مَنْ لَهُ الفَضْلُ مِنْهُم عَلَى الآخَرِ، وَذِكْر الفَوَارِقِ المَنْهَجِيَّةِ بَيْنَهُم، وَالتَّدْلِيْل عَلَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا، وَذِكْر شَيءٍ مِنْ تَعَامُلَاتِهم مَع الحَدِيثِ وَعُلُومِهِ، لِيَتَبيَّن الطَّالِبُ البَوْنَ الشَّاسِع بَيْن الفَرِيْقَيْنِ، وَلِئَلَّا يَغْتَرَّ بِصَنيْعِ الُمتَأخِّرِيْن فِي هَذَا العِلم.
السَّادِس: مُنْتَقَى بِأهَمِّ مَا يَحْتَاجُهُ طَالِبُ عِلمِ الحَدِيثِ المُبْتَدِئ مِن كُتُبِ الحَدِيثِ: مُتُوْنهَا، وَأُصُوْل مُصْطَلَحِهَا، وَجَرْحِهَا وَتَعْدِيْلِهَا، وَعِلَلِهَا، وَتَخْرِيجِهَا، وَمَنَاهِج مُصَنِّفِيْهَا.