حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ دَخَلَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَزِعًا يُرَجِّعُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ قُتِلَ عَمَّارٌ، فَمَاذَا؟ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: دُحِضْتَ فِي بَوْلِكَ، أَوَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ، جَاءُوا بِهِ حَتَّى أَلْقَوْهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا، -أَوْ قَالَ: بَيْنَ سُيُوفِنَا-.
أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (20427)، وَأَحْمَدُ (17931)، وَأَبُو يَعْلَى (7175)، [وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ].
قُلْتُ: رَضِيَ اللهُ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِمَنْ سَبَقُونَا بِالْإِيْمَانِ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ طَاوُسٍ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ؛ ابْنُ طَاوُسٍ يَمَانِيٌّ، وَهَذَا مَدَنِيٌّ. وَأَصْلُ الْحَدِيثِ عَنْ مَعْمَرٍ، مِنْ وَجْهَيْنِ هَذَا الْأَوَّلُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَنْ مَعْمَرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. [مُرْسَلا]. وَمَعْمَرٌ فِي الْبَصْرِيِّينَ مُضْطَرِبٌ، كَمَا قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمْ.
وَنَقَلَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَالْمُعَيْطِيِّ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ فِي حَلْقَةٍ: أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَأَبَا خَيْثَمَةَ، وَالْمُعَيْطِيَّ، ذَكَرُوا: «يَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَالُوا: “مَا فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ”.1 [وَنَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنِ الْخَلَّالِ وَاعْتَمَدَهُ].2
وَقَالَ الْخَلَّالُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: “رُوِيَ فِي: «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا، لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ“.3
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ السَّدُوسِيِّ فِي مُسْنَدِ عَمَّارٍ مِنْ “مُسْنَدِهِ”: “سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ، فِي عَمَّارٍ: «تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ». فَقَالَ أَحْمَدُ: كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَتَلَتْهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ. وَقَالَ: فِي هَذَا غَيْرُ حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنِ النَّبِيِّ، وَكَرِهَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا”.
قُلْتُ: هَذَا لَيْسَ مِنْ أَصْلِ مَتْنِ كِتَابِ [“السُّنَّةِ”] لِلْخَلَّالِ، إِنَّمَا هَذَا مِنْ حَاشِيَةٍ عَلَى الْكِتَابِ [أُقْحِمَتْ فِي مَتْنِهِ]. وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ الْفَرَّاءِ مُرْسَلًا؛ بِقَوْلِهِ: “وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ مُسْنَدِ عَمَّارٍ”.4
وَأَمَّا مَا قَالَ الْحَاكِمُ فِي “تَارِيخِ نَيْسَابُورَ”: سَمِعْتُ أَبَا عِيسَى مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى الْعَارِضَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ: [يَقُولُ] سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَافِظَ -يَعْنِي: جَزَرَةَ- يَقُولُ: “سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَعَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يُصَحِّحَانِ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»”… وَقَالَ أَحْمَدُ: “لَا أَتَكَلَّمُ فِي هَذَا، وَالسُّكُوتُ عَنْهُ أَسْلَمُ”.5
قُلْتُ: هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ. كَمَا تَقَدَّمَ، [وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لَهُ]. وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ تَضْعِيفُهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ تَصْحِيحِهِ فَغَيْرُ ثَابِتٍ.
وَالْخَلَّالُ لَا يَنْقُلُ عَنْ أَحْمَدَ إِلَّا الْأُصُولَ الثَّابِتَةَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ عِنْدَ الْخَلَّالِ مَا اسْتَجَازَ نَقْلَهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَصَنِيعُهُ فِي كِتَابِهِ “السُّنَّةِ” مَعْرُوفٌ؛ فَهُوَ مَوْضُوعٌ لِضَبْطِ أُصُولِ السُّنَّةِ، وَعَلَى هَذَا تَجْرِي أُصُولُ كِتَابِهِ.
وَيُؤَيِّدُ صِحَّةَ هَذَا مَا فِي “الْعِلَلِ” لِلْخَلَّالِ كَمَا فِي “الْمُنْتَخَبِ مِنْ عِلَلِ الْخَلَّالِ” لِابْنِ قُدَامَةَ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»؟ فَقَالَ: «لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ». فَقَدْ كَرَّرَهُ الْخَلَّالُ؛ مِمَّا يُشْعِرُ بِاعْتِبَارِهِ لَهُ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ آخِرَ الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَحْمَدَ تَصْحِيحُهُ،6 فِيهِ نَظَرٌ كَبِيرٌ. وَذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ التَّصْرِيحُ بِتَصْحِيحِهِ، بَلِ الثَّابِتُ عَنْهُ التَّصْرِيحُ بِرَدِّهِ. وَغَايَةُ مَا جَاءَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ، أَوْ سَكَتَ، أَوْ تَرَدَّدَ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ قَالَ: “لَا أَتَكَلَّمُ فِيهِ، تَرْكُهُ أَسْلَمُ”.7
وَالْخَلَّالُ لَمَّا أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَتْبَعَهَا بِرِوَايَةِ التَّضْعِيفِ. ثُمَّ وَكَّدَ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ رِوَايَةِ التَّضْعِيفِ مِنْ وَجْهَيْنِ فِي عِلَلِهِ، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الْخَلَّالَ يَرَى تَضْعِيفَ أَحْمَدَ هُوَ الْمُقَدَّمُ مُوَافَقَةً لِتَضْعِيفِ ابْنِ مَعِينٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ وَالْمُعَيْطِيِّ. فَغَايَةُ مَا فِي الْأَمْرِ أَنَّ أَحْمَدَ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ. وَأَصْحَابُهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ. وَأَقْرَبُهُمُ الْخَلَّالُ. وَانْتِخَابُ ابْنِ قُدَامَةَ لَهُ مِنْ عِلَلِ الْخَلَّالِ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهِ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ. وَيُؤَكِّدُ تَضْعِيفَ الْكِبَارِ لَهُ، [أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ اعْتَمَدَهُ].8
فَهَذَا الْإِسْنَادُ مَحْفُوظٌ عِنْدَ الْأَوَائِلِ، لَا كَمَا قَالَ ابْنُ رَجَبٍ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. فَالْخَلَّالُ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ أَقْدَمُ مِنِ ابْنِ رَجَبٍ وَأَعْلَمُ بِمَعْرِفَةِ مَسَائِلِ أَحْمَدَ. وَأَمَّا ابْنُ الْمَدِينِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: “أَنَا لَا أَحْفَظُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيد ابْنِ أَبِي الْحَسَنِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ”، يَعْنِي حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ.9 وَهَذَا يَعْنِي غَرَابَتَهُ أَصْلًا.10
وَبِهَذَا وَمِثْلِهِ تَعْرِفُ أَنَّ ثَنَاءَ الْحَاكِمِ عَلَى [مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعَارِضِ]11 غَيْرُ مُعْتَبَرٍ [هنا، وَأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ مِثْلَ هَذَا].
فَإِنَّ فِي الْحَاكِمِ تَشَيُّعًا شَدِيدًا حَتَّى قِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ رَافِضِيٌّ؛ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ [الْهَرَوِيُّ، عن أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحَاكِم]: ”ثِقَةٌ فِي الْحَدِيثِ، رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ“.12 فَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ بَاطِلٍ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ صَحَّحَهُ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ لِلْحَاكِمِ: “لَوْ [خَرَجْتَ] وَأَمْلَيْتَ فِي فَضَائِلِ [هَذَا الرَّجُلِ -يَعْنِي:] مُعَاوِيَةَ- لَاسْتَرَحْتَ مِنْ [هَذِهِ الْمِحْنَةِ”]، فَقَالَ: “لَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي، لَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي، [لَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي]”.13
وَفِي “الْعِلَلِ” لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: “فَذَكَرْتُهُ لِمُحَمَّدٍ”، فَقَالَ: “عَنْ أُمِّهِ؟” قُلْتُ: “نَعَمْ”، قَالَ: “أَمَا إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ تُخَالِطُهَا، تَلِجُ عَلَيْهَا”. يَعْنِي: حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي عَمَّارٍ «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ».
قُلْتُ: هَذَا فِي “الْعِلَلِ”، وَهُمْ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ لَا يُخْرِجُونَ إِلَّا الْمَعْلُولَ.14
وَفِي نُسَخِ “صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ” الْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «وَيْحَ عَمَّارٍ، [تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ]، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ». قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: “أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ”. قُلْتُ: مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَيْنِ زِيَادَةٌ مِنْ عَمَلِ النُّسَّاخِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ، وَكَرِيمَةَ، وَنُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ، وَلَمْ تَثْبُتْ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَرَجَّحَهُ الْحُمَيْدِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَالْمِزِّيُّ. وَالْحَدِيثُ أَعْرَضَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُخْرِجْهُ مَعَ إِخْرَاجِ أَصْلِ إِسْنَادِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: “وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»… أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَهَا لِمُخَالَفَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِكْرِمَةَ فِي ذَلِكَ”.15
وَفِي “الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ” لِلْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: “فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ مَشْهُورَةٌ لَمْ يَذْكُرْهَا الْبُخَارِيُّ أَصْلًا فِي طَرِيقَيْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهَا لَمْ تَقَعْ إِلَيْهِ فِيهِمَا، أَوْ وَقَعَتْ فَحَذَفَهَا لِغَرَضٍ قَصَدَهُ فِي ذَلِكَ… وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ مِنْ كِتَابِهِ: لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ”.16
وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي “تُحْفَةِ الْأَشْرَافِ”: “(خ) حَدِيث: قَالَ لِـي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْهُ حَدِيثَهُ… الْحَدِيث، حَتَّى أَتَى عَلَى ذِكْرِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ… الْحَدِيث… إِلَى أَنْ قَالَ: «وَيْحَ عَمَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ». قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: “أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ”.
- (خ) فِي “الصَّلَاةِ” عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ.
- وَفِي “الْجِهَادِ” عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ،
كِلَاهُمَا: عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْهُ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ: «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»”17
قُلْتُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: “وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَهَا عَمْدًا، وَذَلِكَ لِنُكْتَةٍ خَفِيَّةٍ، وَهِيَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنَ النَّبِيِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُدْرَجَةٌ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي بَيَّنَتْ ذَلِكَ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ… فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحَمْلِهِمْ لَبِنَةً لَبِنَةً. وَفِيهِ: فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ».
وَقَدْ عَيَّنَ أَبُو سَعِيدٍ مَنْ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ، فَفِي مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، أَبُو قَتَادَةَ… فَذَكَرَهُ، فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ مِنَ النَّبِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا دَالٌّ عَلَى دِقَّةِ فَهْمِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلَلِ الْأَحَادِيثِ”.18
قُلْتُ: وَهَذَا التَّعْيِينُ لَا يَثْبُتُ فَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ؛ [وَفِي أَبِي مَسْلَمَةَ] ضَعْفٌ، وَانْفَرَدَ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ.
وَبِهِ يَتَبَيَّنُ شُفُوفُ نَظَرِ الْبُخَارِيِّ وَحِذْقُهُ فِي الْعِلَلِ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، فَمِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ لِعَمَّارٍ، حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، وَيَقُولُ: بُؤْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ».19
فَهَذَا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. وَأَبُو مَسْلَمَةَ قَالَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ: “شَيْخٌ مِسْكِينٌ ثِقَةٌ”. وَقَالَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ: “صَالِحٌ”.20 وَهَذِهِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّضْعِيفِ عِنْدَ الْقَوْمِ؛ فَمِثْلُهُ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ.
ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَخِيهِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِمَا، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ؛
- قَالَ شُعْبَةُ: “وَاكْتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فِي خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَهِشَامٍ”.
- وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: “يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ”.21
- وَكَانَ قَدْ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ بِأَخَرَةٍ. وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ التَّغَيُّرُ هُنَا، فَإِنَّ تَغَيُّرَهُ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ عَادَ مِنَ الشَّامِ. فَظَاهِرُ صَنِيعِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ لِبَيَانِ عِلَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ. فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ حَدِيثِ الْحَذَّاءِ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْهُمَا. فَكَأَنَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُمَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ.22
وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِمَا يُغْنِي عَنِ الْإِعَادَةِ.23 وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. وَأَعَلَّهُ ابْنُ مَعِينٍ24 بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَكِتَابُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُخْطِئُ إِذَا رَوَى مِنْ حِفْظِهِ.25
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى وَأَطَالَ فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَسَانِيدِهِ مِنْ أَوْجُهٍ، وَهَذِهِ عَادَتُهُ فِي إِعْلَالِ الْحَدِيثِ. ثُمَّ تَفَطَّنَ لَهُ إِذْ لَمْ يُخْرِجْهُ فِي سُنَنِهِ الصُّغْرَى.
وَفِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ الْقُرَشِيِّ الْأُمَوِيِّ، أَبِي سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيِّ الْقَاضِي، الْمَعْرُوفِ بِـ: “دُحَيْمٍ”، قَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى بَغْدَادَ، سَمِعُوا مِنْهُ، فَذُكِرَ «الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» هُمْ أَهْلُ الشَّامِ. فَقَالَ: “مَنْ قَالَ هَذَا فَهُوَ ابْنُ الْفَاعِلَةِ”. فَنَكَبَ النَّاسُ عَنْهُ، ثُمَّ سَمِعُوا مِنْهُ.26
وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَفِي تَصْحِيحِهِمَا تَسَاهُلٌ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْحِيحُهُمَا إِذَا انْفَرَدَا بِهِ27 بِشَهَادَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْفُسِهِمْ، لِتَوَسُّعِهِمَا فِي التَّصْحِيحِ بِالظَّاهِرِ، وَالِاسْتِهْتَارِ بِالْعِلَلِ.
وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ، كَمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مِنَ الطُّرُقِ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَى الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
الْخُلَاصَةُ فِي حَدِيثِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ:
أَنَّ مَا نُقِلَ مِنْ تَصْحِيحِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ لَهُ لَا يَثْبُتُ عَنْهُ. وَالرَّاجِحُ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ، وَكَذَا الْمَحْفُوظُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَالْمُعَيْطِيِّ: تَضْعِيفُهُ وَرَدُّهُ. وَهَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِ الْخَلَّالِ، وَوَكَّدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَأَعْرَضَ الْبُخَارِيُّ عَنْ لَفْظِهِ مَعَ إِخْرَاجِ أَصْلِهِ، وَأُقْحِمَتْ زِيَادَةُ: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»، فِي صَحِيحِهِ إِقْحَامًا. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ إِعْلَالًا. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ طُرُقَهُ فِي “الْكُبْرَى” وَأَعْرَضَ عَنْهُ فِي “الصُّغْرَى”. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ طُرُقَهُ فِي الْكُبْرَى وَأَعْرَضَ عَنْهُ فِي “الصُّغْرَى”، وَهِيَ عِنْدَهُ مُنْتَخَبُ مَا احْتجَّ بِهِ مِنَ “الْكُبْرَى”.
هَذَا وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي الطَّعْنَ فِي مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فَإِنَّ اللهَ قَالَ: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾. فَأَثْبَتَ اللهُ لَهُمَا الْإِيمَانَ عَلَى اقْتِتَالِهِمَا.
وَفِي الصَّحِيحِ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ». فَهَاتَانِ فِئَتَانِ تَقْتَتِلَانِ وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ. وَصَحَّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَاتَلَهُمْ قِتَالَ أَهْلِ الْعَدْلِ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ لَا يُجْهِزُونَ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يَقْتُلُونَ مُوَلِّيًا، وَلَا يَسْلُبُونَ قَتِيلًا، وَلَا يَسْبُونَ نِسَاءً.
وَاللهُ أَعْلَم.
- “السُّنَّةُ” لِلْخَلَّالِ. ↩︎
- “الْعِلَلُ الْمُتَنَاهِيَةُ” لِابْنِ الْجَوْزِيِّ. ↩︎
- “السُّنَّةُ” لِلْخَلَّالِ. ↩︎
- “السُّنَّةُ” لِلْخَلَّالِ. ↩︎
- “فَتْحُ الْبَارِي” لِابْنِ رَجَبٍ. ↩︎
- مِمَّنْ قَالَ بِهَذَا: شَيْخُ الْإِسْلَامِ، فِي “مِنْهَاجِ السُّنَّةِ ↩︎
- السُّنَّةُ” لِلْخَلَّالِ. ↩︎
- الْعِلَلُ الْمُتَنَاهِيَةُ” لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ↩︎
- سُؤَالَاتُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ لِابْنِ الْمَدِينِيِّ ↩︎
- كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ أُصُولِهِمْ فِي اسْتِعْمَالَاتِهِمْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ ↩︎
- كُنْيَتُهُ: أَبُو صَالِحٍ، وَلَيْسَتْ: أَبَا عِيسَى، وَهُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، النَّيْسَابُورِيُّ، الْعَارِضُ، كَمَا فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ لِلْحَاكِمِ، وَالْأَنْسَابِ لِلسَّمْعَانِيِّ، وَاللُّبَابِ لِابْنِ الْأَثِيرِ. ↩︎
- طَبَقَاتُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ” لِابْنِ عَبْدِ الْهَادِي، [وَ”تَذْكِرَةُ الْحُفَّاظِ” لِلذَّهَبِيِّ. وَرَاجِعْ “الرَّوْض الْبَاسِمَ” لِلْمَنْصُورِيِّ] ↩︎
- [الْمُنْتَظَمُ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، واللفْظُ لَهُ]، وَ”سِيرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ” لِلذَّهَبِيِّ. [وَرَاجِعْ “الرَّوْض الْبَاسِمَ” لِلْمَنْصُورِيِّ]. ↩︎
- [قَالَ ابْن رَجَبٍ فِي “شَرْح عِلَلِ التِّرْمِذِيِّ”: “وَقَدْ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: سَلُوا الْحَسَنَ… مِمَّنْ سَمِعَ «عَمَّارًا تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»” ↩︎
- دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ” لِلْبَيْهَقِيِّ ↩︎
- الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ” لِلْحُمَيْدِيِّ ↩︎
- تُحْفَةُ الْأَشْرَافِ” لِلْمِزِّيِّ ↩︎
- فَتْحُ الْبَارِي” لِابْنِ حَجَرٍ ↩︎
- صَحِيحُ مُسْلِمٍ ↩︎
- [قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ في “الْجَرْح وَالتَّعْدِيل”: “وَجَدْتُ الْأَلْفَاظَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عَلَى مَرَاتِبَ شَتَّى، فَإِذَا قِيلَ لِلْوَاحِدِ: إِنَّهُ ثِقَةٌ… فَهُوَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَإِذَا قِيلَ: إِنَّهُ صَدُوقٌ… فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ، وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِذَا قِيلَ: شَيْخٌ، فَهُوَ… يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ، إِلَّا أَنَّهُ دُونَ الثَّانِيَةِ، وَإِذَا قِيلَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ لِلِاعْتِبَارِ…”. وَقَالَ الدّبَيَّان فِي “الْجَامِعِ فِي أَحْكَامِ صِفَةِ الصَّلَاةِ”: “(صَالِحٌ، وَصُوَيْلِحٌ) مُطْلَقَة، لَمْ تُضَفْ لِلْحَدِيثِ… دُونَ قَوْلِهِ (صَالِحُ الْحَدِيثِ)؛ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ”] ↩︎
- [“الْجَرْح وَالتَّعْدِيل” لابْن أَبِي حَاتِمٍ.] ↩︎
- [فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هٰذَا عِندَ أَحْمَدَ: «مَا نَسِيتُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَقَدِ اغْبَرَّ صَدْرُهُ، وَهُوَ يُعَاطِيهِمُ اللَّبِنَ»، وعند عبد الرزاق: «يَبْنُونَ الْمَسْجِدَ»؛ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ في “فَتْح الْبَارِي”: “وَذِكْرُ حَفْرِ الْخَنْدَقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّوَابُ: بِنَاءُ الْمَسْجِدِ… وَأُمُّ سَلَمَةَ أَيْنَ كَانَتْ مِنْ حَفْرِ الْخَنْدَقِ؛ إِنَّمَا كَانَتْ تُشَاهِدُ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ حُجْرَتَهَا كَانَتْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حَدِيثِ: «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»…”.] ↩︎
- [قَالَ الْبَزَّار فِي “كَشْف الْأَسْتَارِ”: “هَكَذَا رَوَاهُ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. وَرَوَاهُ أَبُو مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ”. [أَيْ أَنَّهُ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ].] ↩︎
- [قَالَ ابْن رَجَبٍ فِي “فَتْح الْبَارِي”: “وَإِسْنَادُهُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَكِنْ قَدْ أَعَلَّهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ كِتَابَ الْعَلَاءِ -يَعْنِي: مِنَ الدَّرَاوَرْدِيِّ- لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ. قَالَ يَحْيَى: وَالدَّرَاوَرْدِيُّ حِفْظُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، كِتَابُهُ أَصَحُّ”.] ↩︎
- [قَالَ بشِيْر عَلِي فِي “مَنْهج الإِمَامِ أَحْمَد فِي إِعْلَالِ الْأَحَادِيث”: “قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ؟ فَقَالَ: كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحَدِيثِ وَالطَّلَبِ، وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ كُتُبِ النَّاسِ أَوْهَمَ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ مِنْ كُتُبِهِمْ فَكَانَ يُخْطِئُ، وَرُبَّمَا قَلَبَ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ الْعُمَرِيَّ يُرْوِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قِيلَ لَهُ: لَعَلَّ قَدْ رَوَاهَا عُبَيْدُ اللهُ؟ قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ كَانَ أَثْبَتَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا قَرَأَ فِي كُتُبِهِ كَانَ صَحِيحًا”. [“الْمَعْرِفَةُ وَالتَّارِيخُ” 1/429، وَ”الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ” 5/395]… قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ ذَكَرَ الدَّرَاوَرْدِيَّ فَقَالَ: كِتَابُهُ أَصَحُّ مِنْ حِفْظِهِ. [“سُؤَالَاتُ أَبِي دَاوُدَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ” ص221]… وَعَنْ أَحْمَدَ قَالَ: كَانَ الدَّرَاوَرْدِيُّ إِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ يَهْمُ، لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ، وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ فَنعم. [“سِيرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ” 8/366]… وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَذْهَبُ إِلَى مِثْلِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي الدَّرَاوَرْدِيِّ، فَمَعَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ: لَا بَأْسَ بِهِ. [“تَارِيخُ ابْنِ مَعِينٍ”، بِرِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ ص174]، فَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ الدَّقَّاقِ: الدَّرَاوَرْدِيُّ مَا رَوَى مِنْ كِتَابِهِ فَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ حِفْظِهِ. [“مِنْ كَلَامِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي الرِّجَالِ”، رِوَايَة أَبِي خَالِدٍ الدَّقَّاقِ ص93]، وَأَعَلَّ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ -أَيْ الدَّرَاوَرْدِيُّ- عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ… أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارٍ: «تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ»، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يُوجَدْ فِي كِتَابِ الدَّرَاوَرْدِيِّ… إِنَّمَا كَانَتْ صَحِيفَة، لَيْسَ هَذَا فِيهَا… [“مِنْ كَلَامِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي الرِّجَالِ”، رِوَايَة أَبِي خَالِدٍ الدَّقَّاقِ ص113-114]”.] ↩︎
- الثِّقَاتُ” لِلْعِجْلِيِّ. ↩︎
- وَقَدْ كُنْتُ كَتَبْتُ نَشْرَةً فِيهَا تَعْلِيقٌ عَلَى مُقَدِّمَةِ صَحِيحِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِلْأَلْبَانِيِّ، قُلْتُ فِيهَا: “وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَإِنَّمَا اتُّهِمَ بِالتَّسَاهُلِ لِطَيَرَانِ قَوْلِهِمْ فِيهِ: إِنَّهُ يُوَثِّقُ الْمَجَاهِيلَ، هَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْحَقِّ، وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ مِنْهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَلْ عَلَيْهَا يَجْرِي: ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ، نَعَمْ لَيْسُوا هُمْ فِيهَا بِتَوَسُّعِ ابْنِ حِبَّانَ خُصُوصًا فِي طَبَقَةِ مَنْ دُونَ التَّابِعِينَ. وَأَمَّا اتِّهَامُ الْحَاكِمِ بِالتَّسَاهُلِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا فِي “الْمُسْتَدْرَك” مِنْ كُتُبِهِ دُونَ غَيْرِهَا، ثُمَّ فِي “الْمُسْتَدْرَك” يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِمَا دُونَ الرّبْعِ الْأَوَّلِ مِنَ الْكِتَابِ… وَبِالْجُمْلَةِ فَمَنْ يَنْظُر فِي كِتَابِ الْحَاكِمِ “مَعْرِفَة عُلُومِ الْحَدِيثِ” عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ فَضْلًا عَنْ عَصْرِنَا مَنْ يُدَانِيهِ وَلَا يَبْلُغُ مَرْتَبَتَهُ فِي هَذَا الْعِلْمِ”. ↩︎
