خُلَاصَةُ الكَلَامِ فِيْ حَدِيثِ صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ.

لَا يَثُبُتُ عَنِ النَبِيِّ ﷺ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بَلْ وَلَا التَّابِعِينَ بَلْ وَلَا تَابِعِ التَّابِعِينَ.

  • رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُوبَ: بِسَنَدٍ مُظْلِمٍ مُنْكَرٍ مَعُلوُلٍ مُضْطَرِبٍ.
  • وَفِيهِ عُمَرُ ‌بْنُ ‌ثَابِتٍ: فِيهِ جَهَالَةٌ، وَمَا أَرَاهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ: ضَعِيفٌ، ‌رَدِيءُ ‌الْحِفْظ. وَقَدْ اضْطَرَبَ ‌فِيهِ.
  • وقد اسْتَنْكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَلَى سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ فَي تَرْجَمَتِهِ مِنْ كَامِلِهِ.
  • وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ: بِإسْنَادٍ مُنْكَرٍ مُظْلِمٍ مُنْقَطِعٍ.
  • وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: بِإسْنَادٍ غَرِيبٌ جِدًا: وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِم، وَالبَزَّارُ، وَالدَّارَقُطْنيُّ.
  • وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: بِإسْنَادٍ فِيهِ مَتْروكٌ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ.
  • وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِإسْنَادٍ مُنْكَرٍ وَاسْتَنْكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ.
  • وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: بِإسْنَادٍ فِيهِ مَتْروكٌ. وَاسْتَنْكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ.
  • وَمِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ، مُرسَلًا. بِإسْنَادٌ مُنْكَرٌ.

فَطُرُقُ الحَدِيثِ لَا تَصْلُحُ لِلمُتَابَعَاتِ، لِأَنَّ شَرْطَ المُتَابعِ أَنْ لَا يَكُونَ مُنْكَرًا وَلَا مَعْلُولًا، أَوْ دَارَتْ أَسَانِيدُهُ عَلَى مَنْ اشْتَدَّ ضَعْفُهُ. وَمِنْ عَلَامَاتِ إعْلَالِ الحَدِيثِ وَضَعْفِهِ تَرْكُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ العَمَلَ بِهِ. وَإنَّ مِنْ أَمَارَاتِ ضَعْفِ الحَدِيثِ وَبُطْلَانِهِ أَنْ تَرَى كِبَارَ أَئِمَّةِ أَمْصَارِ العِلْمِ الكَبِيرَةِ لَا يَعُرِفُونَهُ، أَوْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ، أَوْ لَا يَقُولُونَ بِمُقْتَضَاهُ، أَوْ يَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ، فَمْنْ أَهْلُ العِلْمِ بَعْدَهُم!

فَإِنْ قِيلَ: الحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَكَيفَ تُضَعِّفُونَهُ!.

نَقُولُ: مَا كُلُّ حَدِيثٍ فِيْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ أرَادَ مُسْلِمٌ تَصْحِيحَهُ. وَقَدْ نَصَّ مُسْلِمٌ فِيْ مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْسَامِ أَحَادِيثِ كِتَابِهِ: بَأَنَّهُ يُورِدُ فِي كِتَابِهِ أَخْبَارًا ْمُعَلَّلَةِ. وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ مُسْلِمًا أَرَادَ تَصْحِيحَهُ، فَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ نَصَّ مَنْ هُوَ أكْبَرُ مِنْهُ مِنَ الحُفَّاظِ وَمَنْ هُو بِمَنْزِلَتِهِ عَلَى إعْلَالِهِ، وَكَانَ الحَقُّ فِيهِ مَعَ المُضَعِّفِ. وقد اسْتَنْكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثّاَبِتُ عَنِ السَّلَفِ اسْتِنْكَارُ صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ.

فَاسْتَنْكَرَهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَنقَلَ هَذَانِ الأَخيِرَانِ مَنْعُ صِيَامِهَا عَنْ جَمِعِ السَّلَفِ. قَالَ الْحَسَنُ البَصْرِيُّ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ بِهَذَا الشَّهْرِ [رَمَضَانَ] لِلسَّنَةِ كُلِّهَا.

وَذَكَرَ مَالِكٌ: إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ. وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ. وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ ‌أَن ‌يتبعوا ‌رَمَضَانَ ‌صِيَامًا خَوْفًا أَنْ يَلْحَقَ ذَلِكَ بِالفَرِيضَةِ.
فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الأَمْصَارِ الكِبَارُ: المَدِينَةُ، وَالبَصُرَةُ، وَبَغْدَادَ، لَيْسَ ‌وَاحِدٌ ‌مِنْهُمْ يَقُولُ بِصِيَامِهَا وَلَا يَرْتَضِيهِ، خَاصَّةً مَدِينَةُ رَسُوُلِ اللهِ ﷺ لَا يُعْرَفُ هَذَا الأَمْرُ فِيهَا، وَحَدِيثُ صَومِهَا مَدَنِيٌ مَحْضٌ.

شارك هذا المقال:

مقالات مشابهة