اعلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُتَّصِلَا أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ الْأَذَانِ. وَإنَّمَا ثَبَتَ مِن مُرسَلِ الشَعبِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ مُحتَجٌّ بِهِ عِندَ السَلَفِ، وَكَانوا يُدخِلونَهُ فِي المُسنَدِ المُتَّصِلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سُحُورِهِمَا، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى» ، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سُحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «كَانَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ رَجُلٌ خَمْسِينَ آيَةً». فَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَيسَ فِيهِ سِوَى جَوَاز الامسَاكِ مُبَكِرَا.
- وَالثَّابتُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيّ وحُذَيْفَةَ، وابنِ مَسعُود أًنَّهُم كَانُوا يَأكُلُونَ بَعدَ الأَذَانِ.
- وَفِي تَفسِيرِ قِولِ اللهِ تَعَالَى: [كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ] ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ: «إِنَّمَا ذَاكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ» وَثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ، قَالَ «هَذَا حِينَ يَتَبَيَّنُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ»
- وَثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أِنَّهُ قَالَ «هُمَا فَجْرَانِ، فَأَمَّا الَّذِي يَسْطَعُ فِي السَّمَاءِ فَلَيْسَ يُحِلُّ، وَلَا يُحَرِّمُ شَيْئًا، وَلَكِنَّ الْفَجْرَ الَّذِي يَسْتَبِينُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ هُوَ الَّذِي يُحَرِّمُ الشَّرَابَ».
- وَثَبَتَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أِنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».
- وَثَبَتَ عَنِ الْحَسَنِ البَصرِيّ، أِنَّهُ قَالَ: «اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ».
- وَثَبَتَ عَنِ السُّدِّيِّ، أِنَّهُ قَالَ: «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ».
- وَثَبَتَ عَنْ قَتَادَةَ، أِنَّهُ قَالَ: «وَقَدْ يُرَى بَيَاضُ مَا عَلَى السَّحَرِ يُقَالُ لَهُ الصُّبْحُ الْكَاذِبُ كَانَتْ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ، فَلَا يَمْنَعُكُمْ ذَلِكَ مِنْ سُحُورِكُمْ، فَإِنَّ الصُّبْحَ لَا خِفَاءَ بِهِ: طَرِيقَةٌ مُعْتَرِضَةٌ فِي الْأُفُقِ، وَكُلُوا، وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الصُّبْحُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَمْسِكُوا».
- وَثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْن عَيَّاشٍ، أِنَّهُ قَالَ: «هَذَا ذَهَابُ اللَّيْلِ وَمَجِيءُ النَّهَارِ».
- وَثَبَتَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أِنَّهُ قَالَ «الضَّوْءُ السَّاطِعُ فِي السَّمَاءِ لَيْسَ بِالصُّبْحِ، وَلَكِنْ ذَاكَ الصُّبْحُ الْكَذَّابُ، إِنَّمَا الصُّبْحُ إِذَا انْفَضَحَ الْأُفُقُ».
- وَثَبَتَ عَنْ مُسْلِم بنِ صُبَيحٍ ، أِنَّهُ قَالَ: «لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ هَذَا، كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الَّذِي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ، وَالطُّرُقَ».
- وَثَبَتَ عَنْ مُسْلِم بنِ صُبَيحٍ ، أِنَّهُ قَالَ: «مَا كَانُوا يَرَوْنَ إِلَّا أَنَّ الْفَجْرَ الَّذِي يَسْتَفِيضُ فِي السَّمَاءِ».
- وَثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْر ابنِ عَيَّاشٍ ، أِنَّهُ قَالَ: «رُبَّمَا شَرِبْتُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ يَعْنِي فِي رَمَضَانَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ». وَقَالَ: «وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَفْعَلَ لَهُ مِنَ الْأَعْمَشِ».
[كُلُ هِذِهِ الآثَار أَخرَجَهَا ابنُ جَرِيرٍ الطَبَرِي فِي تَفسِيرِهِ بَأَسَانِيدَ صِحَاحٍ مُحتَجٌّ بِهَا].